[size=32]بسم الله الرحمن الرحيم[/size]
[size=48]المنابـر فــوق المقابــر !![/size]
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
لتكتفي الأقلام بذلك القدر ولتتوقف عند ذلك الحد .. فالأوجاع أخذت حقها بالكفاية لسنوات وسنوات .. والأقلام كانت تجهل بأنها تؤذن فوق مآذن الأموات .. ولا جدوى من إقامة المنابر في ساحات المقابر ؟؟ .. والموتى لا ينفعها التمادي في كثرة الإرشاد والخطاب .. والأقلام تهدر الأوقات سداً في مخاطبة الهياكل .. وقد ملت وكلت السطور دون أن يمل أهل المقابر .. والصيحات لسنوات وسنوات أصبحت ممسوخة وممجوجة بالقدر الذي أوجب الإكراه والملل .. وهي مبذولة في وديان الطرشان .. على أنفس مخدرة أمينة شبه ميتة .. تأخذ الصيحات بأذنها اليمين لتفرغها بأذنها الشمال .. ترضخ تحت دوحة الغفلة وتهنأ بنوم عميق .. ذلك النوم الذي يعادل نوم أهل الكهف .. وقد أصبح النوم هو ذلك الداء الذي تشتكي منه الأوصال دون الترياق .. وفي نومها تعاني النفوس الويلات تلو الويلات .. فلما تشتكي تلك النفوس من سوء الأحوال وهي التي تخلق الداء دون الدواء ؟؟ ! .. أنفس تتضور جوعاً وعطشاً ثم لا تريد أن تكلف أيديها لتوصل اللقمة والشراب إلى الأفواه .. بل تريد من أيدي الآخرين أن تتكفل بتلك المهام .. ويا ليتها اكتفت بذلك القدر في الخمول والتكاسل بل تريد من أنياب الآخرين أن تنوب عنها في الطحن والابتلاع !!.. فلما الأقلام تتعامل مع رخوة تعودت حالات التكاسل والخمول .. وتعودت سيرة الشكوى والنباح في الليل والنهار .. دون أدنى خطوات تعني بأنها تسعى خلف عوامل الخلاص والنجاح ؟؟ .. وقد فشلت الأبواق والأقلام والنواقيس في إنهاض همم الأمم والشعوب عبر السنوات والسنوات .. والعلة بدأت يوم أن تركنا مسار الحق والعقيدة وركضنا خلف أبواب السراب والأهواء .. وهناك التواجد بيننا لأقزام من البشر يمثلون حالات التخاذل والخذلان .. ومن أبوابهم دائما تأتي للشعوب والأمم رياح المواسم القاتلة التي تجلب حالات النحس والجدب والدمار .. وكل الجهود المبذولة لإصلاح الأحوال يذهب أدراج الرياح دون ثمار تعني الخيرات .. وبما أن النفوس تركض لتنال ما يغضب الله في مناهجها ودساتيرها فإنها مخذولة دائماَ وأبداً .. ولا ينفع الأحوال جهد الجاهدين بالليل والنهار .. ولو كان ذلك الجهد المضني مبذولاَ في إرشاد سلحفاة معمرة لتعلمت تلك السلحفاة حالة الطيران ! .. لأنها بالفطرة لا تعادي الله ومناهجه .. ولأنها تدرك قيمة الجهد المبذول .. وبالضرورة تتأثر في أعماقها بكثرة الحس والتكرار والإعادة .. وتخجل في ذاتها من حالات الركود والخمول رغم أنها سلحفاة .. ذلك الخجل الذي كان يتطلب ويتوجب في أبناء آدم حيث مشاعر الدين والعقل والضمير .. والقياس في أكثر النفوس الفاسدة أدنى من شعور تلك السلحفاة كثيراَ .. ويقال في الأمثال ( الضرب في الميت حرام ) .. وهنا الأكثرية أموات .. ومخاطبة أهل القبور بكثرة الصياح والنباح تعني أقصى المبالغة في الغباء .. والدلائل تؤكد أن الأزمان قد رحلت برجالها الأفذاذ الأبطال .. تلك العصور الحية التي قالت قولتها جهداً وجهاداً ونشاطاً وأفعالا ثم مضت في مسارها ً .. و التي كانت بأسودها وأبطالها .. الذين كانوا يصولون ويجولون لإحقاق الحق والعقيدة .. ويملئون الأرض نخوةً وشهامة وبطولةً ونضالاَ .. وواصلوا الجهد دون كلل أو ملل حتى رفرفت أعلامهم عالية خفاقة في الآفاق .. وسيرتهم تلك تملأ صفحات التاريخ .. أما اليوم فالسيرة تجلب الدموع في ساحة عصر الأحوال فيه كئيبة كالحة .. والمشارف تطل على مناهج الفساد دون مناهج السماء .. في تجمعات تملكتها أيدي الملاحدة والفساق والفجور .. والمصيبة عمت حين سكتت ألسن الصالحين من الناس ونامت أعينهم وهي ترى الموبقات وترى جملة المفاسد والفسوق .. وحيث الأنفس تلك التي نامت وتؤجل الأحزان والهموم بالتسويف والتكاسل لترحل أرصدتها للغد المجهول .. ثم تشتكي بعد ذلك من الشقاء والويلات وسوء الأحوال !! .. فماذا تنفع الأقلام والأبواق والنواقيس في إحياء الأموات ؟؟ .. وهم فقط بالمظاهر أحيـاء !