كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع دومًا عن إيذاء الناس، ومن ذلك أنه كان ينهى أصحابه عن الجلوس في الطرقات والشوارع؛ لأن هذا قد يُسبِّب ضِيقًا للمارِّين بصورة من الصور، ومع ذلك فعندما وجد أن هذا الجلوس اضطراري في بعض الأحيان، ولا يمكن للناس أن تستغني عنه، وضع له شروطًا واضحة تجعل الضرر الواقع على الناس في أضيق الحدود؛ فكان هذا الموقف الذي ورد في السُّنَّة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ!" فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ: "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا". قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ".
فالأصل في السُّنَّة أن يمتنع المسلمون من الجلوس في طريق الناس؛ سواء في المنتديات العامة، أو على أبواب المحلات والمتاجر، أو في غير ذلك من الطرقات؛ ولكن إن حدث هذا الجلوس فليكن بالشروط النبوية الواضحة في الحديث؛ وهي شروط تضمن سلامة المجتمع وأمنه، وفي الوقت نفسه تُحقِّق للجميع الأجر والمثوبة من الله، وهذا هو جمال السُّنَّة النبوية.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].