يقول ابن الجوزي :
" تأملتُ جهاد النفس فرأيتُه أعظم الجهاد ، وإنما الجهاد لها كجهاد المريض العاقل ، يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية ، و يذوِّب في المرارة قليلاً من الحلاوة ، و يتناول من الأغذية مقدار ما يصفه الطبيب ، ولا تحمله شهوته على موافقة غرضها من مطعمٍ ربما جرَّ جوعا ، ومن لقمة ربما حَرَمت لقمات ، فكذلك المؤمن العاقل لا يترك لجامها ، ولا يهمل مقودها ، بل يُرخي لها في وقت والطول بيده ، فإذا رآها مالت ردَّها باللطف ، فإن ونت وأبت فبالعنف ، ويحبسها في مقام المداراة .
...............
يقول ابن القيم
الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة ،
فإنها إما أن توجب ألما وعقوبة ،
وإما أن تقطع لذة أكمل منها،
وإما أن تضيع وقتا إضاعته حسرة وندامة ،
وإما أن تثلم عرضا توفيره أنفع للعبد من ثلمه ،
وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه ،
وإما أن تضيع قدرا وجاها قيامه خير من وضعه ،
وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة،
وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك،
وإما أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة،
وإما أن تنسى علما ذكره ألذ من نيل الشهوة ،
وإما أن تشمت عدوا وتحزن وليا وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة،
وإما أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول ،
فإن الأعمال تورث للصفات والأخلاق.