في يومٍ شديدٌ حره , وقطراتُ الماء تنساب من نافورة المياه في الميدان حيثُ تنتظر إشارة المرور الخضراء , المرجُ الأخضر الذي يُحيط بالنافورة قد إلتمع -لستُ أدري إن كان بفعل قطرات الماء أم آشعة
الشمس الحارة - بلونٍ نديّ , أصوات السيارات المُستعجِلة أخرجتني من حلمِ يقظتي ومن متابعة الهُدهُد الذي كاد أن يندثر في زِحام مدينتنا .
وإن كان فضل مدينتنا عظيماً , فقد جعلتنا نرى الحُلو وسط المُرّ وهو فضلٌ لو تعلمون عظيم , فإنّما الصبرُ بالتصبُر .
أقف أمام إحدى محلّات الشيكولاتة الشهيرة , أنتقي بعضها وأقف مذهولاً من غِلِو سعر بعضها , أحاول -على قدر مالي- أن أنتقي أفضلها , بينما آخرون يدفعون أرقاماً مع ثلاثة أصفار , فأكادُ أُصفِر من
فَرط الدهشة .!
وقفت أمام الكاشير فكان المبلغ المطلوب يُقارب المائتين ونيف , صُدِمت قليلاً ولكن ما أنا مُقبِل عليه قد يكون في غاية الأهمية بالنسبة لي .
- متى سأقابل أبيكي ؟!
- غداً , مساءاً
إبتسمنا وسار الأمر على ما يُرام - حتى الآن - بينما أغادرها ولهفتي تسبِق شوقي .
أطلب من الكاشير أن يُغلف علبة الشيكولاتة ويضعها في أبهى حُلة , وحسنٌ ما فعل , ألبسها لباس الجمال والأناقة ووضع وردةً من اللوتس تُزينها فأصبح مرآها يُذهب بالعقول .
في الطريق تتلون البنايات بألوانٍ زاهية والطيور تُغرِد بمقطوعات لا تستطيع تمييز جمالها من أصوات السيارات
كم دفنت من حُبٍ , حتى صار خوفي هو الموت دون حب !
إقتربت من البيت حينما رنّ جرس الهاتف بنغمةِ
بكتُب إسمك يا حبيبي عالحور العتيق
رددتُ عالهاتف فأجابت ذات الصوت الملائكي وهي تبكي وبين بكائها بعض الشهقات
لم أُميز من كلامها سوى
(( إكتشفت أنّي مريضة بفيروس سي الكبدي , يجب أن تعرف جيداً ما أنت مُقبل عليه ))
كنتُ أقف تحت بيتها وبجانبي باقة شيكولاتة أنيقة للغاية
وبعض البُكاء لا يزال يصل إلى أذني
وبعض الألم والخوف يعتصران قلبي !